منتديات big boss
اهلا وسهلا بك .. في منتديات مكتبة التكنلوجيا
نتمنى لك وقت مفيد.. ويشرفنا تسجيلك .
منتديات big boss
اهلا وسهلا بك .. في منتديات مكتبة التكنلوجيا
نتمنى لك وقت مفيد.. ويشرفنا تسجيلك .
منتديات big boss
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


مرحبا أيها الزائر الكريم, قرائتك لهذه الرسالة... يعني انك غير مسجل لدينا في الموقع .. اضغط هنا للتسجيل .. ولتمتلك بعدها المزايا الكاملة, وتسعدنا بوجودك
مركز الرفع

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 الأُخوة في الله حقوق وواجبات

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Huthaifa AL lord
عضو نشيط
عضو نشيط



عدد المساهمات : 241
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/07/2013

الأُخوة في الله حقوق وواجبات Empty
مُساهمةموضوع: الأُخوة في الله حقوق وواجبات   الأُخوة في الله حقوق وواجبات I_icon_minitimeالسبت يوليو 27, 2013 9:02 am


الأُخوة في الله حقوق وواجبات


أبو سعد الأثري

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات والتبريكات على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فإن رابطة الأخوة الإسلامية هي إشراقة إلهية سامية ، وهي الحبل الذي يجمع القلوب ويعقدها ببعضها ، وهي النور الذي يسري بين أرواح المؤمنين .
في هذه المحاضرة محاولة لإلقاء الضوء على مفهوم الأخوة الإيمانية كما عبرت عنها نصوص الوحي ، وبيان لفضائل التآخي في الله ، وللحقوق والواجبات التي تترتب على هذا التآخي .

أولاً : مفهوم الأخوة الإيمانية :
1- الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله وتوحيده :
ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) [ الحجرات : 10] ، فهي رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى ، وإن أول ما يميز هذه الرابطة أنها في ذاته سبحانه وتعالى ، فمفهوم الأخوة الإسلامية هي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده ، فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يقرب من الرسل والصديقين والمؤمنين .




يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) [ التوبة : 71] هكذا بهذا العموم ، فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ، وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه ، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ، وفي هذا إلماحة إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية ، وجنسيات وتابعيات مقيتة ، تفتت الأمة وتمزقها ، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها .
ورحم الله القائل :


يا أخي المسلم في كل مكان وبلد -- أنت مني وأنا منك كروح في جسد

2- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض وتحرير الإنسان :
مما يميز الأخوة الإيمانية كذلك أنها لقاء بين الموحدين على مهام عظيمة ، وأعمال كبيرة ، تسمو بالمسلم إلى المهمة الأصيلة في تعمير الأرض بالخير ، ونشر العدل في الأرض ، ومحاربة الطواغيت ؛ فهي إذاً أخوة في سبيل تحقيق مهام جِسام في حياة البشرية لا يقدر عليها المسلم بمفرده ، وإنما تتآزر جهود المؤمنين وطاقاتهم مجتمعة لتحقيق هذه المهام العِظام .


أخوة الإسلام أخوة لبناء دولة الإسلام ....وهو ما يطلق عليه أخوة المنهج .
وأخوة الإسلام أخوة في طريق إزالة الطواغيت ونشر العدل في الأرض ....وهو ما يطلق عليه أخوة السلاح .


وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار في رباط أخوة إيمانية ، أبدعت نواة لدولة حضارية عمّرت الأرض بمنهج الله تعالى .


3- الأخوة الإيمانية أخوة فوق كل العصبيات الأرضية كمثل الجسد الواحد :
إن الاخوة الإيمانية أخوة إيديولوجية ، تنطلق من أسس عقدية ، فالمؤمنون والمؤمنات .. ربهم واحد ، ورسولهم واحد وقدوتهم واحدة ، وكتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، ومنهجهم واحد ، ومعتقدهم واحد ، وقائدهم وأميرهم واحد .


فهم كالجسد الواحد الذي تسكنه روح واحدة ويديره عقل واحد وله تطلعات وأهداف واحدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )[1] ، فهي فوق أخوة النسب ، وهي فوق أخوة القبيلة ، وهي فوق أخوة الوطن ...فوق كل الأخوات الأرضية ...تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية .

ثانياً : فضل التآخي بالله والتحابب فيه :
وردت نصوص كثيرة في بيان فضل الأخوة في الله ، والتلاقي عليه ، والتحابب فيه ، ورتبت عليها الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الدنيا والآخرة ... وهذه طائفة منها :


1- الأخوة في الله نعمة الله وفضله :
يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [ آل عمران : 103]
فجعل المولى عز وجل الأخوة منحة إلهية ، ونفحة ربانية يهبها الله للمخلصين الصادقين ، يمحى بها الأحقاد الجاهلية ويزيل بها العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب ، وتتآلف النفوس على المنهج الواحد ، والعقيدة والواحدة .


2- الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى :
تحصيل محبة الله تعالى غاية قلوب الموحدين ، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الأخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم .


· جاء عن النبي صلى اله عليه وسلم (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ )[2] .


· عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْهَجِيرِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بِالتَّهْجِيرِ وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَقَالَ أَاللَّهِ فَقُلْتُ أَاللَّهِ فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ) .[3]


3- المتآخون في الله في ظل الله تعالى :
· روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) .[4]


· عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ - وذكر منهم - وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) .[5]
ويكفى المتاحبين والمتآخين في الله شرفاً وفضلاً أن يكونوا تحت عرش الله يوم يخاف الناس وتكون الشمس منهم مقدار ميل .


4- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )[6].


5- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه :
· يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ).[7]


· ويقول صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .[8]


· ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ).[9]
خصال حسنة وطيبة ، وآثار حميدة للأخوة الإيمانية رتبتها هذه الباقة العطرة من نصوص الوحي الشريف .

ثالثاً : حقوق وواجبات الأخوة الإيمانية :
الأخوة الإيمانية واجب ديني ، وفريضة شرعية وليسن مجرد موقف نفسي أو تنظير فلسفي ، ، بل هي مجموعة من الأعمال تظهر إلى حيز الوجود ، وتعبّر عن حقيقة الأخوة وها هنا بيان مجمل هام لواجبات الأخوة بعضهم تجاه بعض ، والتي تمليها مجموعة من النصوص الشرعية الصحيحة ، وهي مضمنة أيضا مجموعة من المستحبات التي يندب النهوض للقيام بها .


فعلى كل موحد صادق أن يراجع نفسه ويرى علاقته بأخوته ومدى تطابقها مع تعليمات الشريعة السمحة .


1- محبته في الله وموالاته ، والمداومة على ذلك ما دام الأخ على عقد الإيمان :
دلت النصوص أن على الموحدين أن يتبادلوا الحب في ذات الله عز وجل ، وتسود روح الأخوة فيما بينهم وقد سبقت النصوص في بيان فضل التحاب بالله .


أما في بيان الوجوب فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا)[10] ويقول ابن هشام في السيرة النبوية : ( قال ابن إسحاق : ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال : إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله ، تبارك وتعالى ، قد افلح من زينه اله في قلبه ، وادخله الإسلام بعد الكفر ، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه احسن الحديث وأبلغه ، أحبوا ما أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم ، ولا تملوا كلام الله وذكره ، ولا تقس عنه قلوبكم ، فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي ، وقد سماه الله خيرته من الأعمال ، ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ، ومن كل ما أوتى الناس الحلال والحرام ، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، اتقوه حق تقاته اصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم ، وتحابوا بروح الله بينكم ، أن الله يغضب أن ينكس عهده ، والسلام عليكم ) .[11]


وهذا الحديث نص في وجوب التحاب في الله تعالى بين المؤمنين ، فهو أمر والأمر محمول على الوجوب ، كما هو معلوم في أصول الفقه إلا بصارف يصرفه للندب أو الاستحباب .


وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يخبروا بعضهم بهذه المحبة ، روى أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره قال : (َ مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا فِي اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَأَخْبِرْهُ تَثْبُتْ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ أَوْ قَالَ أُحِبُّكَ لِلَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي فِيهِ ) . [12]


وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يتعاهدوا هذه المحبة وينموها عن طرق متعددة ، منها الإهداء من غير تكلّف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ ). [13]


وأرشدهم إلى السلام لإدامة المحبة فقال صلى الله عليه وسلم : (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) .


وغيرها من الإرشادات التي سوف نأتي على معظمها في باقي الواجبات والتي يفد معظمها دوام المحبة بين الاخوة ورعايتها .
وعلى ذلك فإني أقول إن المحبة بين المؤمنين هي ركن الأخوة الذي تدور عليه ، فينبغي على المتحابين في الله ، أن يتفقدوا أنفسهم وقلوبهم بين وقت وآخر ، وينظروا هل خالط هذه المحبة ما ينغصها ويكدرها ويخرجها عن حقيقتها أم لا .


2- المواساة وحسن الصحبة والعشرة :
وتكون المواساة وحسن الصحبة بعدة نقاط منها :


أً – وجوب العَود بالفضل :
فينزل المسلم أخاه المسلم منزلة الصاحب لديه ، فيقوم بحاجته من فضل ماله إذا احتاج ، ولا ينتظر سؤاله فإن ألجأه إلى السؤال فهو دليل على تقصيره في حق أخيه ، وإذا أنحط المسلم عن هذه المرتبة فهو مقصر مذنب يحتاج إلى فحص نفسه ، وتهذيبها والتوبة إلى الله تعالى .
روى أن رجلاً جاء أبي هريرة فقال : إني أريد أواخيك في الله فقال : أتدري ما حق الإخاء في الله ؟ قال له : عرفني !
قال : ألا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني ! فقال الرجل : لم أبلغ هذه المنزلة بعد . فقال أبو هريرة رضي الله عنه : فدعك عني .
وليس هذا من بنات أفكار أبي هريرة رضي الله عنه فقد وردت مجموعة من الأحاديث تأكد هذه الحقيقة العظيمة التي مفادها أن المؤمنين بوتقة واحدة ، ليس بينها حواجز ، إليك طرفاً منها :


· عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ قَالَ فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ ) [14].


· عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ: ( أَعْطِيهَا بَعِيرًا فَقَالَتْ أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ ) [15].


· عن ابن عمر قال : (( ثم لقد أتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه .)) [16]
وهذه أحاديث عظيمة تفيد وجوب العَود من المسلم بفضل ماله أو زاده أو لباسه أو مسكنه أو كل ما يحتاجه الإنسان إليه إلى أخيه المسلم الأحوج فالأحوج، والأقرب فالأقرب ، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال : ( فاليعد ) وهذا أمر يحمل على الوجوب .


ومن هنا نعلم مدى التقصير العظيم الذي يقع فيه الموحدين تجاه بعضهم بعض ، ويؤكد هذا الفهم للحديث قول ابن عمر رضي الله عنه وهو يحكي لنا حال الصاحبة الكرام: ( ثم لقد أتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ) ثم قال حاكيا ما آلت إليه الحال بعد الفتوح وتوسع الدنيا : ( ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم ) لله در ابن عمر رضي الله عنه لو يعلم ما حلّ بالناس اليوم تجاه بعضهم البعض لأغلظ فيهم الحكم .


ثم يرتفع بعض المؤمنين الصادقين إلى مرتبة الإيثار فيقدم إخوانه على نفسه فيلحق بأولئك الأفذاذ الذين خلد ذكرهم المولى عز وجل في القرآن الكريم : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) [ الحشر : 9] فيصبح من المفلحين الذين يغبطهم الشهداء والنبيون .
· عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: ( سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ حَتَّى تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي ) [17].




ومن هذا النوع من الإيثار الذي يعجز الزمان أن يأتي بمثله ، ما حصل بين المهاجرين والأنصار عندما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم بعد الهجرة .
· قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعٍ قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فزاحمهم وبزهم في ميدانهم ، فما لبث غير قليل حتى كسب مالاً وتأهل من ماله ولم يرزأ سعداً بشيء ) [18].


لقد كان عبد الرحمن عفيفاً ولكن تعجز النساء أن يلدن مثل سعد بن الربيع رضي الله عنه .
هذه مرتبة مستحبة ، وليست هي واجبة أو فريضة محتمة كما كان في دين السيد المسيح الوجيه المقرب صلى الله عليه وسلم ، إذ قد روي أن اتباعه كانوا يخرجون من أموالهم ويضعونها في صندوق مشترك تصرف منه أمراؤهم على كافة أفراد الجماعة ، فالله درهم .

بً – طيب الكلام والمبسم والبشاشة في وجه الأخوة ورد السلام والفرح باللقاء :
طيب الكلام وحسنه بين الأخوة ، مدعاة لجلب المحبة ودوامها وفي هذا يقول المولى عز وجل : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) [ البقرة : 83] ووصف عباده الصالحين أنهم طيبي الكلمة فقال عز وجل : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) [ الحج : 24] والقول الطيب والكلام الحسن يبطل كيد الشيطان ويسد أمامه الطريق للإفساد والتفريق بين الاخوة وفي ذلك يقول تعالى : (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) [ الإسراء :53] وهذا أمر من الله سبحانه وتعالى يفيد وجوب طيب الكلام وحسنه واختيار أفضل العبارات أوضحها في التعبير عن المقصود وإدخال السرور لقلب أخيك كل ذلك يدخل في مفهوم طيب الكلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ) [19].


من طيب الكلام أن يدعوا أخاه بأحسن أسمائه، وأحبها على قلبه يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث يصفين لك ود أخيك تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه ) [20].
والمبسم و البشاشة في وجه الأخوة من موجبات الأخوة الإيمانية وكذلك هو من وسائل كسب القلوب ، لأن الوجه عبارة عن المرآة التي تعكس ما هو موجود في داخل أعماق الإنسان ، فإذا كان الوجه طليقاً بشوشاً كان موحياً بالبشر والمحبة في نفس المقابل ، أما عن كان عبوساً مظلماً فلا شكَ أنه يوحي في قلب المقابل بالضيق والاشمئزاز وعدم الانشراح ، فعلى الأخوة أن يطلقوا وجوههم فيما بينهم وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) [21].


وإما إفشاء السلام ، فهو أدب من آداب الإسلام الاجتماعية ، وقد أمر الإسلام المسلمين به ، فالمسلم مطالب بأن يسلّم على من عرف من المسلمين ومن لم يعرف ، ومكلف أن يرد التحية بمثلها أو بأحسن منها .


قال تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) [النساء : 86]
ولايستهين بهذه بهذا الأدب ويعرض عن تطبيقه إلا مصاب في أخلاقه بمرض الكبر والعجب بالنفس ، أو بالأنانية المفرطة التي يبخل معها بعطاء التحية ، وعطاء التحية أهون عطاء يبذله الإنسان من لسانه ووجهه .


قال صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )[22] .
وهذا الأدب الإسلامي الاجتماعي يمثل أول خيط من خيوط الترابط الاجتماعي ، وتكراره يعقد الصلات وينسج المودات .


جً – خفض الجناح ولين الجانب والتواضع وحسن الخلق و إقالة العثرات والتزاور في الله والتهنئة وتفقد الحال :


خفض الجناح ، ولين الجانب ، وإظهار المودة للمؤمنين من دواعي دوام الأخوة يقول الله سبحانه وتعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) [الفتح : 29] ، ويقول الله سبحانه وتعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) [الشعراء :215] ، وقال تعالى في وصف المؤمنين الذين يرضى سلوكهم : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) [المائدة : 54] ، فبالتواضع بين الأخوة تفتح القلوب الغلف لصوت الحق ، وتنشأ الألفة ، وتدوم المحبة ، ويرتفع الإنسان بميزان الله تعالى ، يقول صلى الله عليه وسلم : (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ )[23] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.)[24]، ويصف لنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تواضعه ولين جانبه فيقولون : يبدأ الناس بالسلام ، وينصرف بكليته صغيراً كان أو كبيراً ، وكان آخر من يسحب يده إذا صافح ، وإذا أقبل جلس حيث انتهى به المجلس ، وكان يشتري بضاعته من السوق ويحملها ، وكان صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويمشى في خدمة أهله وأصحابه ويأكل مع الخادم .


أما عن حسن الخلق فهو السبيل لكسب قلوب الناس ، ولكسب رضى المولى عز وجل ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا )[25] ، فالالتزام بحسن الخلق بين الأخوة ، يحي نور الأخوة ، ويجمع القلوب ، ويفتح قنوات الإخاء .


أما عن التزاور في الله ، وتفقد الحال ، فإن التزاور في الله ظاهرة من ظواهر المجتمع المسلم ،لأن التزاور بين الأخوان في الله من شأنه أن يدعم أواصر الجماعة ، ويقوى روح الجماعية ويوسع مجالاتها ، ويمد آثارها ، ويقوى المودات ، ويزيد وشائج الصلات . وليس هذا خاص في الرجال ، بل عام في الرجال والنساء ، فتزور المؤمنات أخواتهن في الله ، ويتحاببن ، ويتجالسن ويتباذلن في الله .


قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا ) [26].


وليكسب الأخوة فرصة التزاور في الله للتناصح بصالح الأعمال ، والتدارس بالعلم والخير .

دً- السعي بالشفاعة الحسنة :
قال الله تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ) [النساء :85] ، وفي الحديث حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ )[27] وفي هذه النصوص حثّ على المعونة بالشفاعة الحسنة ، والمعونة ترجع إلى خلق حب العطاء ،" والشفاعة تقوية لطلب صاحب الحاجة يطلب شفيع له ذي مكانة عند من حاجته عنده ، لأنه مجهول لديه ، أو لأنه مذنب تجاهه ، أو لأن بينهما جفوة ما ، أو لغير ذلك من أسباب كثيرة يصعب حصرها ، فيلتمس شفيعاً يساعده في توجيه الطلب أو الالتماس من أجله ، ويتحرّى أن يكون هذا الشفيع من ذوي المكانة أو أصحاب الدالّة لدى من عنده تلبية الطلب أو رفضه ، فإذا شفع له عنده نال بغيته، فيكون الشفيع قد منحه من جاهه ومكانته لدى من شفع عنده ، فإذا قال في شفاعته قولاً حسناً فقد منحه من كلامه ، وإذا سار معه مسافة ليشفع له فقد منحه من جهده ووقته ، وإذا خسر من ماله شيئاً في هذا السبيل فقد منحه من جهده وقته ، وإذا خسر من ماله شيئاً في هذا السبيل فقد منحه أيضاً ماله ، وإذا شاركه في مشاعره وأحاسيسه فقد منحه أيضاً من قلبه ونفسه .


والشفاعة الحسنة بين المسلمين مظهر من مظاهر الجسدية الواحدة ، التي يتشاركون بها في مشاعر الآلام والمسرّات ، وبها يتساعدون ويتساندون ويتعاونون .

من أجل ذلك حث الله تبارك وتعالى والرسول الكريم على الشفاعة الحسنة ،وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ ) حث على الشفاعة الحسنة ، فهو يطلب من أصحابه أن يشفعوا لذوي الحاجات عنده ، سواء أكان الرسول مستعداً لتلبية الشفعاء أو لم يكن مستعداً لذلك . وفي هذا توجيه لهم أنه لا ينبغي أن يربطوا شفاعتهم برجاء الإجابة ، فإنهم يأجرون على شفاعتهم مهما كانت النتائج ، وأنه لا ينبغي أن تتأثر قلوبهم إذا لم يجابوا إلى ما شفعوا فيه ، فالأمور مرهونة بالقضاء الرباني ، وهذا القضاء ينبغي للمؤمن أن يتقبله بالرضا التام ."[28]


3- بذل النصيحة والمشورة بين الأخوة :
قال الله تعالى ( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ *إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [ العصر : 1-3] ورأس النصائح وأنفسها هي ما ورد في الآية الكريمة ( الحق والصبر ) فالنصيحة بالتوحيد والثبات عليه ، والنصيحة بالمنهج الحق والالتزام بالسنة والهدي النبوي ، والصبر على ذلك كله هي من أغلى النصائح وأنفسها ، وواجب على الموحدين بذلها فيما بينهم .
ومن هنا ندرك جريمة علماء السوء الذين يغشوا الناس ويضيعوا حقائق التوحيد من حياتهم ، ويدخلون في ولاء حكومات الكفر والضلال .
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعون على النصح للمسلم كما قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ )[29]


وكون النبي صلى اله عليه وسلم يقرنها مع الصلاة والزكاة التي هي أركان الإسلام ليدلنا على عظم شأنها وعلو منزلها.


ومثله حديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) [30].


ويجب أن تكون النصيحة في قالب مقبول ، وأسلوب حسن ييسر فهمها والالتزام بها ، وذلك أن النفس طبعاً تنفر من كشف المعايب وإملاء النصائح من القرين ، ولذلك على الناصح أن يتخير الوقت والأسلوب المناسبين وعلى المنصوح أن يتقبل النصح بصدر رحب كما هو مفصل في آداب النصيحة .


وعلى هذا فتكون نصيحة الإخوان بإرادة الخير لهم ، وبيان الحق ، ودلالتهم عليه وعدم غشهم ، ومجاملتهم في دين الله ، ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو خالف هواهم وطريقتهم ، ومجاملتهم في دين الله بأسم الاخوة وحتى لا ينفضوا أو ينفروا ، فهذا ليس من النصح ، الذي أمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام ، نعم الحكمة مطلوبة عند عرض النصيحة عليهم ولكن الحق لابدَ أن يبين ويعلم ، وخصوصاً إذا كان ذلك بين الأخوان فهو مقدور عليه .


ويدخل في هذا الباب أيضا بذل المشورة لهم ، حول زواج أو دراسة أو سفر .. أو غيره من شؤون الحياة .
ويتأكد النصح عندما يطلب الأخ منك النصيحة قال صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ) [31].


4-التعاون والتآزر فيما بين الأخوان على البر والعمل الصالح :
فالمؤمنون بنيان واحد ، يشد بعضه بعضاً ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) [ المائدة : 2] و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ) [32] ، ويدخل في هذا الباب كل تعاون وتكاتف لفعل الخير والطاعة وتقديم المعونة للفقير والمحتاج واليتيم ، وما إلى ذلك من صور تكافل المجتمع وتعاونه ، قال صلى الله عليه وسلم : (َ السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ) [33]، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ )[34] .
وأعظم التعاون ورأسه التعاون بين الأخوة لإقامة دولة الإسلام ورفع لواء الدين ، والقيام بأعباء الخلافة وعمارة الأرض بالخير ، فهذه أعمال كبيرة ليس بمقدور المسلم أن ينجزها بمفرده ولابدَ أن يجتمع الأخوة من أجل القيام بها ، ضمن أسس ومبادئ تنظَم عملهم .


فلا بدَ للأخوة أن تتكاتف جهودهم من إعداد وتخصص ، وأجهزة و تتكامل فيما بينها وتتعاون لحمل لواء الدين .

أيها الاخوة المؤمنون :
علينا أن نزيل كل الحواجز والعقبات التي تقف حائلاً في سبيل النهوض بأمتنا وأن تجتمع قلوبنا وطاقاتنا وجهودنا وتتآزر معاولنا لإعادة بناء صرح الخلافة على منهاج النبوة .
5- نصرة الأخوان المظلومين وصيانة الدماء والأعراض والأموال وإغاثة الملهوف وفكّ العاني :
قال الله تعالى : ( وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ ) [ الأنفال : 72] نزلت هذه الآية في حق الأعراب الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يهاجروا إلى المدينة المنورة ، ولم ينتسبوا لمعسكر المشركين ضرورة ، فبين سبحانه وتعالى أن على المؤمنين نصرتهم ، على ما في نصرتهم من هجر الديار والأوطان والحرب للأعداء ، مما يدل على عظم حق الأخوة في الدين وكبير قدرها .


يقول ابن كثير رحمه الله : " إن استنصروكم هؤلاء الأعراب ، الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدو لهم فانصروهم ، فإنه واجب عليكم نصرتهم لأنهم إخوانكم في الدين ،وهذا مروي عن أبن عباس رضي الله عنه . "[35]


أيها الأخوة الموحدون :
أنه لنص عظيم يظهر لنا كم نحن مقصرون بحق أخوتنا الموحدين الذين يستنصرونا كل يوم في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها من بقاع الأرض التي يعتدي فيها على حرمات الموحدين من الكفرة الظالمين والمحاربين .


( وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ ) هكذا عموماً ، النصر بالمال ، والنصر بالنفس ، والنصر بالقلم والنصر بكل وسائل النصر ، والتأييد بكل وسائل التأييد .
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَه ) [36]وقال صلى الله عليه وسلم : (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . )[37] ولا يسلمه : أي إلى عدوه فلا تخلي بينه وبين المعتدي عليه ما استطعت لذلك سبيلاً .


ولا يخذله : أي لا يترك نصرته .


وقال صلى الله عليه وسلم : ( ...أعينوا المظلوم ..)[38] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ..وأغيثوا الملهوف ..)
وقال صلى الله عليه وسلم : ( انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ) [39] .
فدماء المسلمين واحدة ، وأعراضهم واحدة ، وأموالهم واحدة ، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلن ذلك بقوله : (ِ الْمُؤْمِنُونَ تتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ) [40]يقول شراح الحديث في شرح قوله : ( وهم يد على من سواهم ) (( وهم يد على من سواهم ) أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا على جميع الأديان والملل كأنه جعل أيديهم يدا واحدة وفعلهم فعلا واحدا .))[41]
فكلما أعتدي – أخي الموحد – على دم موحد فكأنما أعتدي على دمك ، وكلما أعتدي على عرض أخ موحد فكأنما أعتدي على عرضك ، وكلما أعتدي على مال أخ موحد فكأنما أعتدي على مالك ..


ويا أسفاه ..كم ترتفع نداءات المستضعفين والثكالى ، والتي تنشد إيمان الموحدين وتطلب النصرة منهم ولكنها لا تجد نخوة المعتصم .
كم من وامعتصماه انطلقت لم تلامس نخوة المعتصم
فهذه نصوص قطعية الثبوت ، قطعية الدلالة ، من وجوب نصرة المسلم لأخيه المسلم الموحد .
واضحة الدلالة تبقى حجة صارخة على كل من هو يرفل في النعيم واللذات ، ويرفع أرصدته في بنوك الغرب ، وأخوته – إن صحت له أخوة – يذبحون تحت سياط جلاديهم .
أما فيما يتعلق بفك العاني فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (فُكُّوا الْعَانِيَ -يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ ) [42] والعواني هم أسارى الموحدين كما فسره سفيان بن سعيد بن مسروق راوي الحديث .


وكم وكم من الموحدين يقبع في سجون الطواغيت ويلقى من الأذى والعذاب ما لا يعلمه إلا الله ليس لشيء إلا أن يقول ربي الله .
فواجب على الموحدين أن ينصروا أخوتهم في سجون الطواغيت ، وألا يقفوا مكتفي الأيدي حيال قضية أسرى الموحدين ، ويتلخص ما يمكن أن تقوم به – أخي الموحد – تجاه أخوتك الأسرى بما يلي :
- تأسيس منظمة للدفاع عن حقوق أسرى المسلمين ، ونشر قضيتهم ، وفضح الطواغيت عالمياً ، ومحاولة إخراجهم من السجون حتى ولو بالقوة وذلك حسب سياسة جماعة المسلمين .
- إعانة أهاليهم بكل وسائل العون المعنوي والمادي .
- محاولة زيارتهم ، وتقديم المعونات لهم داخل السجن إن أمكن ذلك .
- ذكرهم دائماً بالدعاء .


إن عدد الموحدين القابعين في سجون الطواغيت مذهل ، وكذلك ما يلقونه من صنوف العذاب .
قال الإمام مالك رجمه الله تعالى : " يجب على المسلمين فداء أسراهم ، وإن استغرق ذلك أموالهم ".[43]
وذكر أبن عابدين فقيه الحنفية صورة فقال " مسلمة سبيت بالمشرق ، وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر ."[44]
فهل يفقه هذا أصحاب الكروش النفطية ، والعروش الذهبية ، والقصور والجواري ، ممن يبذَرون أموال الأمة شرقاً وغرباً ، وبعد ذلك لا يستحون من الانتساب للتوحيد ودعوة التوحيد .
نسأل الله تعالى أن يفرج عن أسرى الموحدين ، ويعجَل بهلاك الطواغيت وأعوانهم على أيدي الموحدين ..آمين .


6- واجبات اجتماعية :
أوجب الإسلام واجبات عديدة لإدامة صلة الأخوة الإيمانية ، بين الموحدين ، ولزيادة المحبة فيما بينهم وهذه جملة من الواجبات المستحبات أشير إليها بشكل موجز :


أ- قبول الهدية واستحباب الإثابة عليها :
وذلك أن الهدية تزيد المحبة بين الأخوة ، وتنمي المودة ، وهذا ما عبر عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله : (تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ ) [45] وخصوصاً إذا كانت الهدية بعد مناسبة من نجاح أو زواج أو غيره ...




وكان من هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن يثيب على الهدية ويقبلها روى البخاري في صحيحه : عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا )[46]
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ( قوله : ( يقبل الهدية ويثيب عليها ) أي يعطي الذي يهدي له بدلها , والمراد بالثواب المجازاة وأقله ما يساوي قيمة الهدية . واستدل بعض المالكية بهذا الحديث على وجوب الثواب على الهدية إذا أطلق الواهب وكان ممن يطلب مثله الثواب كالفقير للغني , بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى , ووجه الدلالة منه مواظبته صلى الله عليه وسلم , ومن حيث المعنى أن الذي أهدى قصد أن يعطي أكثر مما أهدى فلا أقل أن يعوض بنظير هديته , وبه قال الشافعي في القديم , وقال في الجديد كالحنفية : الهبة للثواب باطلة لا تنعقد لأنها بيع بثمن مجهول , ولأن موضوع الهبة التبرع فلو أبطلناه لكان في معنى المعاوضة , وقد فرق الشرع والعرف بين البيع والهبة , فما استحق العوض أطلق عليه لفظ البيع بخلاف الهبة . وأجاب بعض المالكية بأن الهبة لو لم تقتض الثواب أصلا لكانت بمعنى الصدقة , وليس كذلك فإن الأغلب من حال الذي يهدي أنه يطلب الثواب ولا سيما إذا كان فقيرا , والله أعلم .)[47]


ب- إجابة الدعوى :
فإذا دعا المسلم أخاه المسلم إلى دعوة طعام أو غيره ، فمن حقه عليه أن يجيب دعوته ، إلا إذا عنده عذر شرعي يعتذر به ، إن دعوة المسلم لأخيه المسلم صلة اجتماعية تعبر عن مودّة وأخوّة ، وهذه الصلة تستدعي أن تقابل بالاستجابة ، لا بالرفض ، والمستجيب يعقد من طرفه حبل الصلة الذي مده إليه أخوه.
قال صلى الله عليه وسلم : ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ )[48] .


ج- ستر المسلم لأخيه المسلم :
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) .[49]
من حق المسلم على أخيه المسلم أن ستره ولا يفضحه ، والله تعالى يكافئه من جنس عمله فيستره يوم القيامة ، وجاء في حديث آخر ، أن الله يستره في الدنيا والآخرة .
وستر المسلم لأخيه المسلم يعتبر من مكارم الأخلاق ، فإذا اطلع المسلم على خطيئة أو معصية أو نقيصة وقع بها أخوه المسلم بينه وبين ربّه ، ولم يجاهر بها أمام الناس ، بل تستر بها وتوارى واستحيى فيها ، فما هو الغرض من فضيحته ونشر خطيئته بين الناس إذا كانت من الأمور التي لا تتعلق بها حقوق شخصية للآخرين ، أو حقوق عامة ترتبط بها مصالح المسلمين الكبرى ؟ ، إنه لا مصلحة في ذلك ، بل الغرض تعييره وتنقيصه وإنزال مكانته بين الناس .


وإرادة الفضيحة هي من قبيل إشاعة الفاحشة وفعل السوء في المسلمين ، وهي تعبَر عن رذيلة خلقية في الإنسان .
من ذا الذي يريد لأخيه المسلم الإهانة ونزول المكانة إلاّ من كان في نفسه عقدة من رذائل الأخلاق .
وقد أنذر الله سبحانه وتعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة فقال تعالى في سورة النور 24 : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .

د- تشميت العطاس :
أما تشميت العاطس ، فهو أدب من الآداب الإسلامية الاجتماعية ، وهو ينم عن ذوق رفيع في مجالس المسلمين ، إذ يتصيّد المسلم أدنى مناسبة ليدعو لأخيه المسلم بدعوة كريمة ، وليوجّه له كلمة حلوة ، يجذب بها من قلبه خيطاً من خيوط العواطف الإنسانية ، التي تنسج بها وشائج المودة والمحبة ، وتوثق بها روابط الإخاء .
وحين يتلقى العاطس الدعاء له من إخوانه يشعر في ذات نفسه بأن شركاءه في المجلس قد اهتموا بشأنه ، عند هذه العارضة اليسيرة التي تعرض لها ، فدعوا له بالرحمة ، فكيف يكون اهتمامهم به إذا نابه شيء كبير ، وعندئذ يردّ لمن دعا له بالرحمة .


أما الدعوة بإصلاح البال فهي زيادة بارعة تشير إلى أن سبب البدء بالدعوة بالرحمة انشغال بال الأخ عن أخيه ، إذ سمعه عطس وحمد الله تعالى ، فكأنه يقول له :ولا أقلق الله بالك على نفسك أو أخ أو قريب أو حبيب."[50]

هـ- إحسان الظن وسلامة الصدر :
ومن حسن المعاشرة بين الإخوان إحسان الظن بهم ، وحمل ما يصدر عنهم من كلام على احسن المحامل ، وقد نهينا عن ظن السوء فإنه أكذب الحديث ، كما في حديث أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيث وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ )[51]، قال القرطبي " المراد بالظن هنا التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم رجلاً بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها ، ولذلك عطف عليه قوله : ( ولا تجسسوا ) وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع ، فنهى عن ذلك ، وهذا الحديث يوافق قوله تعالى : ( يا أيها الَّذِين َ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) [ الحجرات : 12] ، فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة ، لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن ، فإن قال الظان أبحث لأتحقق ، قيل هل ( ولا تجسسوا ) فإن قال تحققت من غير تجسس قيل له ( ولا يغتب بعضكم بعضاً ) "[52] .


وفيما يتعلق بسلامة الصدر قال تعالى على لسان المؤمنين : (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [ الحشر : 10 ] و يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ )[53] ، وكان دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( واسلل سخيمة صدري )[54].


7- الدعاء للإخوان بكل خير في حياتهم و شهود الجنازة والدعاء بالمغفرة والرضوان بعد مماتهم :
فقد ورد في الحديث الصحيح (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ ) [55] ولا يجوز أن يعجز المسلم عن هذه المرتبة ، بل عليه أن يذكر أخوته دائماً بالدعاء والاستغفار ، وقد وعده الصادق الأمين بأن له بمثل كما سبق في الحديث السابق .


وأما اتباع جنازته ، فهو صلة من المسلم لأخيه المسلم موصولة من حياته إلى ما بعد مماته ، واتباع الجنائز يلحقها الصلاة على الميت ، والشفاعة له عند الله ، وهذا أيضاً صلة عظيمة له بخير ما ينفعه بعد موته وهي الدعوة الصالحة ، وتعبير صادق مخلص لا رياء فيه ولا سمعة ، عن الأخوة الإيمانية التي عقدها الله ب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Mustafa Wouldly
عضو محترف
عضو محترف



عدد المساهمات : 325
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2013
الموقع : mustafaalaraby90@yahoo.com

الأُخوة في الله حقوق وواجبات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأُخوة في الله حقوق وواجبات   الأُخوة في الله حقوق وواجبات I_icon_minitimeالسبت يوليو 27, 2013 2:20 pm

تسلم حبيبي على هذا التقرير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأُخوة في الله حقوق وواجبات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  رحمة تامة من الله
» مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة ...
» شروط قول لا اله الا الله
» إن الله لا يحب المفسدين
» غض البصر عن ما حرمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات big boss :: القسم الاسلامي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: