بسم الله الرحمن الرحيم
إذا نُزعت شجرة الغل وما يتبعها من حقدٍ وكُرهٍ وبُغضٍ من الصدر أصبح الإنسان مؤمناً حقاً فإذا نزعت هذه الشجرة من قلوب المؤمنين فلن تجد أحداً يسعى في ضُر ولن تجد أحداً يحاول أن يصنع شراً ولن تجد واحداً منهم يظن ظن السوء بأخيه ولن تجد رجلاً منهم يسارع لضُرٍّ يجلبه لأقاربه أو لأهله وذويه
بل الكُل سيكون كما قال صلي الله عليه وسلم في شأنهم عند هذا الجمال {تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى }[1]
ذكرنا الداء
{دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ أَلا إِنَّ الْبَغْضَاءَ هِيَ الْحَالِقَةُ لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}[2]
ونريد روشتة الشفاء فما العِلاج؟ وما الروشتة النبوية للشفاء؟
يقول صلي الله عليه وسلم {لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ}[3]
لم يقل صلي الله عليه وسلم ألقوا السلام لكنه قال (أفشوا) أي انشروا الوئام والمودّة بينكم يا جميع الأنام اجعلوا بينكم مودّة موصولة اجعلوا بينكم حبٌ ورحمة اذهبوا إلى قاموس التعامل فيما بينكم وانظروا إلى ما فيه من كلمات فتجدون الحقد والحسد والكُره والبُغض والمكر والدهاء والشحناء بضاعة إبليس اللعين فلا ينبغي أن يحملها أو يعامل بها إخوانه المؤمنين
أما البضاعة التي أتانا بها نبينا الكريم: الرحمة والشفقة والمودّة واللين وحُسن الصلة وحُسن البرّ ودوام المحبة والسلام والوئام فهذا هو الذي نحتاجه لتنتهي مشاكلنا في هذا الزمان نحتاج إلى أن نتعامل بقواعد التعامل النبوي وبالمنهج الذي كان عليه خير البرية والذي يقول فيه الله {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران159
كان رحمة تامة لجميع الخلق وصلت رحمته حتى إلى الحيوانات وإلى الجمادات وإلى كل الكائنات لأن الله قال فيه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107
وكان على هذه الهيئة الكريمة صحابته الكرام حتى في الحروب فسيدنا عمرو بن العاص القائد الفاتح نصب فسطاطه أي خيمته في مدينة الفسطاط [4] في القاهرة وسُميت باسم فسطاطه وأراد أن يأتي إلى الإسكندرية فاتحاً فأمر الجُند أن يفكُّوا خيامهم فنظر فوجد على فسطاطه يمامة صنعت لها عُشّاً وباضت فيه بيضتين فأصدر الأمر بأن يظل فسطاطه على حالته حتى لا يروِّع هذه اليمامة عن بيضها رحمة بهذا الحيوان وجاء إلى الإسكندرية فاتحاً ورجع فكان بيضها قد فقس وخرج منه طيره ممن تعلَّم ذلك؟ من مُعلِّم البشرية ورسول الإنسانية سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
الأمة كلها تحتاج إلى مراجعة لقاموس التعاملات فيما بيننا إن كان في مجتمعنا أو في بيوتنا أو في دواوين أعمالنا أو في محلاتنا وأسواقنا لنرجع إلى التعاملات الإسلامية التي كان عليها النبي صلي الله عليه وسلم وأحبابه الكرام إذا فعلنا ذلك نظر الله إلينا فغيَّر أحوالنا إلى أحسن حال